الموجز الاخباري لصحيفة وقع الحدث تابعنا من هنا

كتاب الرأي

حين يرحل العناق وتبقى الأرواح معلّقة بالحنين

بقلم / ناصرمضحي الحربي

هناك لحظة، يعرفها كل من مرّ بتجربة فقد أو خيبة أو غياب، ينكسر فيها القلب بصمت، وكأن أحدهم أطفأ الضوء في داخلك فجأة. حينها لا يعود العناق الذي كان ملاذك الأول موجودًا، بل يتحوّل إلى صورة في الذاكرة، تتلاشى دفئها شيئًا فشيئًا، وتبقى ملامحها معلقة بين الحنين والخذلان.

القلب المكسور ليس فقط شعورًا بالحزن، بل هو إحساس بالعجز أمام حقيقة أن ما كان مألوفًا ومتاحًا، أصبح بعيدًا ومستحيلاً. نحن لا نفتقد الأشخاص فقط، بل نفتقد إحساس الأمان الذي كانوا يمنحوننا إياه، اللحظة التي كنا نظن أنها ستدوم، والكلمة التي كانت تسبق العناق وتقول: “أنا هنا”.

وحين يصبح العناق ذكرى، نتعلم أن الذاكرة قد تكون أحيانًا خنجرًا يجرح كلما حاولت لمس الماضي، لكنها في الوقت نفسه مرهم يخفف وطأة الوحدة. نكتشف أن بعض الفقد لا يُعالج، وأننا لا نتجاوز الألم بقدر ما نتعايش معه، مثل جرح قديم نعرف مكانه لكننا ننسى شكله.

ومع ذلك، يبقى في القلب مكان صغير للعزاء، بأن كل ما عشنا من حب ودفء كان حقيقيًا، وأن تلك اللحظات لم تكن حلمًا. وربما، في يوم ما، نجد عناقًا جديدًا لا يمحو القديم، لكنه يمنح القلب فرصة ليعود ويخفق بثقة، ولو ببطء.

القلب حين ينكسر، لا يعود كما كان، لكنه يتعلم أن يحيا بوعي أكبر، وأن يفرّق بين من يستحق أن نحتفظ به في الذاكرة، ومن كان مجرد ظلّ مرّ على حياتنا، وترك العناق ذكرى

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى